Saturday, July 31, 2021

لا تسألوني ما اسمها جدتي

لا تسألوني ما اسمها جدتي

ولا تسألوني عن عمرها ، ولا عن لون عينيها أو شعرها

ولا حتى عن تجاعيد وجهها

فجدّتي ما كانت لتهتمّ لمثل هذه التفاصيل ، و لكني سأخبركم عمّا أورثتني إياه جدتي


 ما إن بدأت تعلم القراءة حتى قالت لي : اعتباراً من الآن لم تعد تملك وقتاً لإضاعته و اعلم أن أصدقاءك كلهم سيتغيرون ، إلا كتابُك ، صديقك الوفي الوحيد

و عندما بدأت أنضج و أختبر مختلَفَ التّجاربِ الحياتية بنفسي ، كانت جدّتي الشخص الوحيد الذي قال لي أنني مهما فعلتُ فلن أفشل . فإن نجحت فلأنني أستحق ، و إن لم أنجح فلقد تعلمت

و عندما أصبحت بالغاً راشداً أستطيع الاعتماد على نفسي ، تغيرت جدّتي بعض الشيء. إذ أصبحت تطلب مني العون و باصرارٍ أحياناً لأساعدها أو كي أساعد جدي في عمل شيءٍ ما
أدركت في وقتٍ لاحق أنه عندما كانت تطلب مني المساعدة ، ما كانت بحاجةٍ فعليةٍ للعون ، و لكن رغبةً منها بمنحي حِسَّ المسؤولية و لكي أدرك المعنى الحقيقي لواجب رد الجميل

 اليوم (و بعد ما يقارب العشر سنوات عن فراقها جدي) رحلت جدتي ، و أنا موقنٌ أنها لن تعود

منذ عشر سنواتٍ أذكرُ جيداً وجهها الباكِي في تلك الغرفة المضيئة ، و ما إن هرعت لأضمها حتى همست في أذني تلك العبارة التي جعلتني أنفجر بكاءً على كتفيها (راح جدو يا خالد)

اليوم رحلت جدتي و أنا جالسٌ في تلك الغرفة المضيئة هامسا فيها لنفسي بوجهي الباكِي (سلمي على جدو يا تيتي)




No comments:

Post a Comment